يا باغي الخير أقبل

كتب / السيد سليم
مااعظمه من نداء فلنلبي نداء الخير ونقبل مسرعين مهللين سعداء باستقبال شهر الرحمات شهر الصيام والنور والبركات نستقبله بالخشوع والطاعات فهو ربيع الطائعين وفرصة التائبين تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصدق مردة الجان فهنئيا لمن أستعد وأقبل عليه بقلب صافي فقد شرع الله الصيام لتهذيب النفوس وصقلها وتدريبها على مرقبة الله جلا وعلا . وأيضا من أجل أن يعطف على الفقراء والمساكين عندما يجد ألم ألجوع والعطش .
ومن الحكم التي من أجلها شرع الصوم تضييق مجاري الشيطان فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم .
وزمام ذلك كله تقوى الله سبحانه وتعالى ولذا قال ( يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) فالصوم الذي لا يربي صاحبه على تقوى الله جل وعلا واستشعار عظمته فيه خلل .
فليس الصوم الامتناع عن الطعام والشراب فقط . بل الصوم أشمل من ذلك يشمل كل ما حرم الله .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” رواه البخاري.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر ” ، وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” الصيام جنة من النار ، فمن أصبح صائماً فلا يجهل يومئذ ، وإن امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه وليقل إني صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ” أخرجه النسائي .
قال بعض السلف : أهون الصيام ترك الشراب والطعام . وقال جابر : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار ، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء .
فقدكان سلفنا الصالح ينتظرون رمضان بشوق وحنين وقلوب صادقة ليكون شهر مضمار وسباق إلى الله جل وعلا في شتى القربات .قال معلى بن الفضل عن السلف رحمهم الله : ‘كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم’وقال يحي بن أبى كثير: ‘كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه منى متقبلاً’.وباع قوم من السلف جارية، فلما قرب شهر رمضان رأتهم يتأهبون له ويستعدون بالأطعمة وغيرها فسألتهم؛ فقالوا: ‘نتهيأ لصيام رمضان’، فقالت: ‘وأنتم لا تصومون إلا رمضان؟!! والله لقد جئت من عند قوم السنة عندهم كلها رمضان لا حاجة لي فيكم ..ردوني إليهم ثم رجعت إلى سيدها الأول.وكيف كان حال السلف رحمهم الله تعالى في رمضان ؟!!. هل كانوا يسهرون أمام القنوات لمتبعة المسبقات والفوازير والمسلسلات الرمضانية ؟ لا لقد عرفوا فضل ليالي رمضان فاستغلوها حق الاستغلال .يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” من قام رمضان أيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه “.أن السلف الصالح رحمهم الله كان عامهم كله قيام ليس رمضان فحسب بل السنة كلها روى الأمام أحمد رحمه في مسنده أنه لما نزلت هذه الاية ( قم الليل إلا قليلا ) قام الصحابة عاما كاملا حتي تفطرت أقدامهم رضي الله عنهم
كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون
(تتجافي جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون )
هذا هو دأبهم السنة كلها فأين نحن من هؤلاء الأفذاذ كانوا رهبنا بالليل فرسانا بالنهار
يقول علي رضي الله عنه “والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وما أرى اليوم شيئا يشبههم، كانوا يصبحون شعثا غبرا صفرا قد باتوا لله سجدا وقياما، يتلون كتاب الله يراوحون بين أقدامهم وجباههم، وكانوا إذا ذكروا الله مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح، وهملت أعينهم حتى تبل ثيابهم، وكأن القوم باتوا غافلين “كان سعيد بن المسيب رحمه الله إذا دخل الليل خاطب نفسه قائلاً قومي يا مأوى كل شر والله لأدعنك تزحفين زحف البعير فكان إذا أصبح وقدماه منتفختان يقول لنفسه بذا أمرت ولذا خلقت .
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى : إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل ، كبلتك خطيئتك .

قال أبو يزيد المعَّنى : كان سفيان الثوري رحمه الله إذا أصبح مدَّ رجليه إلى الحائط ورأسه إلى الأرض كي يرجع الدم إلى مكانه من قيام الليل .كان أحد الصالحين يصلي حتى تتورم قدماه فيضربها ويقول يا أمّارة بالسوء ما خلقتِ إلا للعبادة .
قال معمر : صلى إلى جنبي سليمان التميمي رحمه الله بعد العشاء الآخرة فسمعته يقرأ في صلاته : {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} حتى أتى على هذه الآية {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا } فجعل يرددها حتى خف أهل المسجد وانصرفوا ، ثم خرجت إلى بيتي ، فما رجعت إلى المسجد لأؤذن الفجر فإذا سليمان التميمي في مكانه كما تركته البارحة !! وهو واقف يردد هذه الآية لم يجاوزها {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا }فهذا بعض ماكان من سلفنا الصالح وأموالهم مع شهر الخير والبركات فهل لنا من عودة وهل لنا من وقفة مع انفسنا نعالجها بالصيام والصلاة والقرأن نعالجها بالتوبه والرجوع إلي الله نسأل الله أن يرزقنا الخير وحسن العمل في رمضان..